فصل في النيابة‌ برو به برنامه

لا إشكال في صحّة النيابة عن الميّت في الحجّ الواجب و المندوب، و عن الحيّ (3) في المندوب مطلقاً و في الواجب في بعض الصور.

مسألة 1: يشترط في النائب امور:

أحدها: البلوغ على المشهور؛ فلا يصحّ نيابة الصبيّ عندهم و إن كان مميّزاً، و هو الأحوط (4)، لا لما قيل من عدم صحّة عباداته لكونها تمرينيّة، لأنّ الأقوى كونها شرعيّة، و لا لعدم الوثوق به لعدم الرادع له من جهة عدم تكليفه، لأنّه أخصّ من المدّعى، بل لأصالة عدم فراغ ذمّة المنوب عنه بعد دعوى انصراف (5) الأدلّة خصوصاً مع اشتمال جملة من‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: الأقوى الإلحاق بالعجز عن المشي مطلقاً، و قد عرفت أنّ الحكم موافق للقاعدة‌

(2). الامام الخميني: ليس الإلحاق موافقاً للاحتياط من بعض الجهات، فلا يجوز الإلحاق فيما لا يوافقه‌

(3). مكارم الشيرازي: أمّا بالنسبة إلى الميّت فهو من القطعيّات بين أصحابنا و دلّت عليه الروايات الكثيرة، و بالنسبة إلى الحيّ في المندوب فيدلّ عليه أيضاً غير واحد من الروايات (راجع الباب 34 من أبواب النيابة من المجلّد 8 و الباب 25 منه في الوسائل) و أمّا بالنسبة إلى الواجب فقد مرّ الكلام فيه في المسألة (72) من شرائط وجوب الحجّ و أنّه تجب الاستنابة عند استقرار الحجّ على الحيّ مع عدم تمكّنه بعد ذلك لمرض أو حصر أو هرم‌

(4). مكارم الشيرازي: بل هو الأقوى، لما ذكره من انصراف الأدلّة و عدم شمولها له؛ و منع الانصراف كما في الجواهر و غير واحد من الحواشي ممنوع و لا أقلّ من الشكّ، فتبقى أصالة الاشتغال بحالها، و لا فرق بين أن يكون ذلك بإذن الوليّ أو لا‌

(5). الامام الخميني: بل و عدم إطلاق معتدّ به‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 371‌

الأخبار على لفظ الرجل؛ و لا فرق بين أن يكون حجّه بالإجارة أو بالتبرّع، بإذن الوليّ أو عدمه (1) و إن كان لا يبعد دعوى صحّة نيابته في الحجّ المندوب (2) بإذن الوليّ.

الثاني: العقل؛ فلا تصحّ نيابة المجنون الّذي لا يتحقّق منه القصد، مطبقاً كان جنونه أو أدواريّاً في دور جنونه؛ و لا بأس بنيابة السفيه.

الثالث: الإيمان؛ لعدم صحّة عمل غير المؤمن (3) و إن كان معتقداً بوجوبه و حصل منه نيّة القربة؛ و دعوى أنّ ذلك في العمل لنفسه دون غيره، كما ترى.

الرابع: العدالة أو الوثوق (4) بصحّة عمله (5)؛ و هذا الشرط إنّما يعتبر في جواز الاستنابة (6)، لا في صحّة عمله.

الخامس: معرفته بأفعال الحجّ و أحكامه و إن كان بإرشاد معلّم (7) حال كلّ عمل.

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لا يقال: كيف يجوز له الحجّ بغير إذن الوليّ؟ لأنّا نقول: هذا في التبرّع، لا في الإجارة، و لا دليل على أنّ الصبيّ لا يجوز له الإتيان بالمستحبّات، سواء كان لنفسه أو لغيره حتّى أنّ العبد يجوز له الإتيان ببعض المستحبّات الّتي لا تزاحم حقّ المولى، كأن يقرأ القرآن في ساعات فراغه عن نفسه أو أبيه؛ و كونه عبداً مملوكاً لا يقدر على شي‌ء، منصرف قطعاً عن مثل هذه الامور‌

(2). الامام الخميني: محلّ تأمّل‌

الگلپايگاني: بل مقتضى القواعد الصحّة في الواجب أيضاً، لمنع الانصراف و عدم الموضوعيّة للأصل؛ نعم، هو خلاف الاحتياط‌

(3). مكارم الشيرازي: قد عرفت في شرائط صحّة الصوم أنّ شرطيّة الإيمان لصحّة العبادات غير ثابتة، و القدر المعلوم من أحاديث الباب و كلمات الأصحاب اعتباره في قبول العمل و ترتّب الثواب عليه؛ و العجب من بعض من أفتى بالصحّة من المحشّين في الصيام مع قبوله لفتوى الماتن قدس سره هنا‌

(4). الامام الخميني: إنّما يعتبر الوثوق بأصل إتيانه، و أمّا الحكم بصحّة المأتيّ به فالظاهر عدم اعتبار الوثوق بها و لو قبل العمل، فلو علم بأنّه يأتي بالعمل و شكّ في أنّه يأتي به صحيحاً لا يبعد جواز الاستنابة له، و لكنّ الأحوط اعتبار الوثوق‌

(5). الخوئي: تكفي في إحراز الصحّة أصالة الصحّة بعد إحراز عمل الأجير‌

(6). الگلپايگاني: بل في جواز الاكتفاء به مع الشكّ في إتيانه؛ و أمّا مع الشكّ في صحّة ما أتى به فيحكم بالصحّة، و في حجّية قوله مع عدم الوثوق وجهان‌

مكارم الشيرازي: جواز الاستنابة لا يتوقّف عليه، و إنّما يعتبر في قبول قوله و الحكم ببراءة ذمّة المنوب عنه‌

(7). الگلپايگاني: هذا كافٍ لصحّة العمل؛ و أمّا صحّة الإجارة فيشترط فيها كون العمل معلوماً حين الإجارة بحيث لا يكون غرراً‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 372‌

السادس: عدم اشتغال ذمّته بحجّ واجب عليه في ذلك العام (1)؛ فلا تصحّ نيابة من وجب عليه حجّة الإسلام أو النذر المضيّق مع تمكّنه من إتيانه، و أمّا مع عدم تمكّنه لعدم المال فلا بأس، فلو حجّ عن غيره مع تمكّنه من الحجّ لنفسه بطل على المشهور (2)، لكنّ الأقوى أنّ هذا الشرط إنّما هو لصحّة الاستنابة و الإجارة، و إلّا فالحجّ صحيح (3) و إن لم يستحقّ الاجرة (4)، و تبرأ ذمّة المنوب عنه على ما هو الأقوى من عدم كون الأمر بالشي‌ء نهياً عن ضدّه، مع أنّ ذلك على القول به و إيجابه للبطلان إنّما يتمّ مع العلم و العمد، و أمّا مع الجهل (5) أو الغفلة فلا (6)، بل الظاهر صحّة الإجارة أيضاً على هذا التقدير، لأنّ البطلان إنّما هو من جهة عدم القدرة الشرعيّة على العمل المستأجر عليه، حيث إنّ المانع الشرعيّ كالمانع العقليّ، و مع الجهل أو الغفلة لا مانع، لأنّه قادر شرعاً.

مسألة 2: لا يشترط في النائب الحرّيّة، فتصحّ نيابة المملوك بإذن مولاه و لا تصحّ استنابته بدونه، و لو حجّ بدون إذنه بطل (7).

مسألة 3: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصحّ النيابة عن الكافر (8)، لا لعدم انتفاعه‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: مرّ الكلام فيه و أنّ الحجّ و الإجارة كلتاهما صحيحتان (راجع المسألة 110 من شرائط وجوب الحجّ)

(2). الامام الخميني: مرّ الكلام فيه مفصّلًا و مرّ تقوية ما عن المشهور و مرّ عدم الفرق بين العلم و العمد و الجهل و الغفلة، و الأقرب عدم صحّة حجّ المستطيع مع تمكّنه من حجّة الإسلام عن غيره إجارةً أو تبرّعاً و لا عن نفسه تطوّعاً مطلقاً‌

(3). الگلپايگاني: مشكل، كما مرّ. و مرّ استحقاق الاجرة مع العمل بأمره على فرض الصحّة و إن كانت الإجارة باطلة‌

(4). الخوئي: أي الاجرة المسمّاة، و إلّا فهو يستحقّ اجرة المثل على الآمر إن لم يكن متبرّعاً بعمله‌

(5). الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في الصحّة مع الجهل و الغفلة، و كذا في صحّة الإجارة‌

الخوئي: إذا لم يكن عن تقصير كما تقدّم‌

(6). مكارم الشيرازي: هذا إذا كان الحجّ و الغفلة عن قصور، لا تقصير؛ و دليله ظاهر‌

(7). الگلپايگاني: إلّا إذا احرز رضاه باطناً، بل لا يبعد الصحّة مع الغفلة عن الحرمة أو موضوعها أو الجهل بهما كالغصب‌

(8). الخوئي: إلّا في الناصب إذا كان أباً للنائب‌

مكارم الشيرازي: لعدم انتفاعه بالعمل عنه، بدليل قوله تعالى: «ما كان للنبيّ و الّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين» و كذلك ما دلّ على نهي النبيّ عن الاستغفار لهم و أنّه لا يغفر اللّه لهم و إن استغفر لهم سبعين مرّة. و الإنصاف أنّه لا فرق بين الاستغفار و الحجّ، لأنّ لحن الآيات تدلّ على عدم انتفاعهم بالأعمال القربيّة؛ و ما قد يقال من أنّه فرق بين الاستغفار و الحجّ لأنّه كأداء الدين موجب لانتفاء موضوع العقاب و هذا غير الاستغفار، كما في سائر موارد الدين، مدفوع بأنّه فرق بين الدين الّذي يكون أمراً توصّلياً (كدين الدرهم و الدينار) و بين ما يكون أمراً تعبّديّاً كالحجّ، فالأوّل يمكن أداؤه عن الكافر الميّت بل يجب، و لكنّ الثاني غير ممكن لأنّه لا يتقرّب إلى اللّه، و أمّا الخمس و الزكاة فقد مرّ في باب الزكاة أنّ لهما جهتين: جهة تعبّديّة و جهة توصّليّة، و قد قام الدليل على أنّ الحاكم الشرعي يأخذهما و لو بعنف مع أنّه ليس فيه قصد القربة، و أمّا قصد القربة من الحاكم فمع أنّه غير مفيد، لا دليل عليه. هذا، و يظهر من غير واحد من روايات أبواب النيابة جواز الحجّ عن الناصبي إذا كان أباً، مثل رواية وهب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يحجّ الرجل عن الناصب؟ فقال: لا، قلت: فإن كان أبي؟ قال: «إن كان أباك فنعم» (2/ 20 من أبواب النيابة عن الحجّ) و ما رواه إسحاق بن عمّار عن أبي إبراهيم عليه السلام و في ذيله: قلت: و إن كان ناصباً ينفعه ذلك؟ قال: «نعم، يخفّف عنه» (5/ 25 منها) و ما رواه عليّ بن أبي حمزة في باب قضاء الصلاة و في ذيله: قلت: إن كان لا يرى ما أرى و هو ناصب؟ قال: «يخفّف عنه بعض ما فيه» (8/ 12، من أبواب قضاء الصلاة من المجلّد الخامس من الوسائل) و لكن لعلّ المراد منها الناصب الّذي لم يبلغ حدّ الكفر، بقرينة قوله: «لا يرى ما أرى» و إلّا لا يجوز الركون إلى الروايات إذا خالف كتاب اللّه؛ و لذا حكى المحقّق في المعتبر عن الشيخين أنّه لا ينوب عن مخالف في الاعتقاد إلّا أن يكون أباه ثمّ قال: و نحن نقول: ليس كلّ مخالف للحقّ لا يصحّ منه العبادة، و نطالبهم بالدليل عليه ... و الأقرب أن يقال: لا يصحّ النيابة عن الناصب و يعنى به من يظهر العداوة و الشنئان لأهل البيت: و ينسبهم إلى ما يقدح في العدالة كالخوارج و من ماثلهم. ثمّ حكى في ذيل كلامه إنكار بعض المتأخّرين النيابة عن الأب المخالف أيضاً مدّعياً عليه الإجماع، و لكن المحقّق نفسه لم يقبل كلامه (المعتبر ج 2 ص 766).

أقول: لكن تخصيص الآية الشريفة مشكل جدّاً، لأنّ لسانها آبٍ عن التخصيص، كما يشهد له قوله تعالى: «و ما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّا عن موعدة وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاه حليم» (التوبة 114) فالنيابة عن الأب الناصبي أيضاً مشكل‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 373‌

بالعمل عنه، لمنعه و إمكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه (1)، بل لانصراف‌

______________________________
(1). الامام الخميني: محلّ إشكال، و إلّا فتصحّ الإجارة على القاعدة، و ما في موثّقة إسحاق من تخفيف عذاب الناصب إنّما هو في إهداء الثواب لا في النيابة؛ نعم، ظاهر رواية عليّ بن أبي حمزة جواز النيابة عن الناصب، لكن مع ضعف سندها تحمل على إهداء الثواب، جمعاً بينها و بين مثل صحيحة وهب بن عبد ربّه حيث نهى عن الحجّ عن الناصب و استثنى الأب، و لا بأس بالعمل بها، فلا تجوز النيابة عن الكافر؛ إذ مضافاً إلى الصحيحة أنّ اعتبار النيابة عمّن لا يصحّ منه العمل محلّ إشكال؛ نعم، لو فرض الانتفاع به بنحو إهداء الثواب لا يبعد صحّة الاستيجار لذلك، أي للحجّ الاستحبابي لإهداء الثواب، و هو موافق للقاعدة‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 374‌

الأدلّة (1)، فلو مات مستطيعاً و كان الوارث مسلماً لا يجب عليه استيجاره عنه.

و يشترط فيه أيضاً كونه ميّتاً أو حيّاً عاجزاً في الحجّ الواجب؛ فلا تصحّ النيابة عن الحيّ في الحجّ الواجب إلّا إذا كان عاجزاً، و أمّا في الحجّ الندبيّ فيجوز عن الحيّ و الميّت تبرّعاً أو بالإجارة.

مسألة 4: تجوز النيابة عن الصبيّ المميّز و المجنون (2)، بل يجب الاستيجار عن المجنون إذا استقرّ عليه حال إفاقته ثمّ مات مجنوناً.

مسألة 5: لا تشترط المماثلة بين النائب و المنوب عنه في الذكورة و الانوثة، فتصحّ نيابة المرأة عن الرجل كالعكس؛ نعم، الأولى المماثلة (3).

مسألة 6: لا بأس باستنابة الصرورة (4)، رجلًا كان أو امرأةً، عن رجل أو امرأة؛ و القول بعدم جواز استنابة المرأة الصرورة مطلقاً أو مع كون المنوب عنه رجلًا، ضعيف؛ نعم، يكره ذلك، خصوصاً مع كون المنوب عنه رجلًا (5)،

______________________________
(1). الگلپايگاني: الانصراف محلّ تأمّل، فالأحوط الاستيجار عنه و إن لم ينتفع به حتّى بتخفيف العقاب، فيكون كأداء الدين موجباً لانتفاء موضوع العقاب كمن لا يستطيع و هذا غير الاستغفار كي يمنع بالآية كما في الدين و إلّا فالآية آبية عن التخصيص‌

(2). الخوئي: صحّة النيابة عن المجنون لا تخلو عن إشكال في غير فرض استقرار الحجّ عليه‌

الگلپايگاني: إن كان له إفاقة في زمان يسع للحجّ، و إلّا فجواز النيابة عنه محلّ منع‌

مكارم الشيرازي: الظاهر أنّه لا دليل عليه إلّا إطلاق روايات النيابة، و لكنّه لا يخلو عن شبهة في الصبيّ المميّز الّذي لم يستقرّ عليه الحجّ‌

(3). الگلپايگاني: بل لا يبعد أفضليّة الرجل حتّى عن المرأة‌

مكارم الشيرازي: هذا بالنسبة إلى الرجل معلوم، و أمّا بالنسبة إلى المرأة فقد يستشكل فيه، لخبر سليمان بن جعفر قال: سألت الرضا عليه السلام عن المرأة الصرورة حجّت عن امرأة صرورة، فقال عليه السلام: «لا ينبغي» (3/ 9 من أبواب النيابة من المجلّد 8)؛ اللّهم إلّا أن يقال أنّها في خصوص الصرورة؛ مضافاً إلى أنّ في سند الرواية بعض المجاهيل كعليّ بن أحمد بن أشيم؛ فراجع‌

(4). الخوئي: بل الأحوط في الاستنابة عن الرجل الحيّ أن يكون النائب رجلًا و صرورة‌

(5). مكارم الشيرازي: الكراهة بالنسبة إلى نيابتها عن الرجل معلومة، و أمّا بالنسبة إلى المرأة فلا تخلو عن إشكال؛ أمّا الأوّل، لدلالة غير واحد من الروايات عليه (راجع الباب 8 و 9 من أبواب النيابة) و أمّا بالنسبة إلى نيابتها عن المرأة فلأنّ خبر سليمان بن جعفر (3/ 9) الدالّ عليه لا يخلو عن ضعف في سنده؛ نعم، بناءً على المسامحة في سند المستحبّات و المكروهات لا بأس بهذا القول، و لكنّها غير صحيحة، كما ذكرنا في محلّه‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 375‌

بل لا يبعد (1) كراهة استيجار الصرورة و لو كان رجلًا عن رجل (2).

مسألة 7: يشترط في صحّة النيابة قصد النيابة (3) و تعيين المنوب عنه في النيّة و لو بالإجمال، و لا يشترط ذكر اسمه و إن كان يستحبّ ذلك (4) في جميع المواطن و المواقف.

مسألة 8: كما تصحّ النيابة بالتبرّع و بالإجارة، كذا تصحّ بالجعالة، و لا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلّا بإتيان النائب صحيحاً و لا تفرغ بمجرّد الإجارة؛ و ما دلّ من الأخبار على كون الأجير ضامناً و كفاية الإجارة في فراغه (5) منزّلة على أنّ اللّه تعالى يعطيه ثواب الحجّ إذا قصر النائب في الإتيان، أو مطروحة، لعدم عمل العلماء بها بظاهرها.

مسألة 9: لا يجوز (6) استيجار المعذور في ترك بعض الأعمال (7)، بل لو تبرّع المعذور يشكل‌

______________________________
(1). الامام الخميني: فيه إشكال، بل مقتضى صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صرورة مات و لم يحجّ حجّة الإسلام و له مال، قال: «يحجّ عنه صرورة لا مال له» استحباب ذلك؛ نعم، تخرج منها المرأة الصرورة على فرض إطلاقها. و في دلالة مكاتبتي إبراهيم بن عقبة و بكر بن صالح على الكراهة نظر‌

الگلپايگاني: فيه تأمّل، بل يحتمل عدم كراهة الصرورة حتّى في المرأة إن كانت عالمة بالأحكام‌

(2). مكارم الشيرازي: فيه إشكال، بل يظهر من بعض روايات الباب استحبابه (راجع مصحّحة معاوية بن عمّار: 1/ 28 من أبواب وجوب الحجّ)

(3). الگلپايگاني: على ما مرّ في الصلاة، فراجع‌

مكارم الشيرازي: قد ذكرنا في مبحث صلاة القضاء أنّ قصد النيابة أمر ظاهر عرفي و هو في الحقيقة عبارة عن أداء ما على غيره، مالًا كان أو فعلًا. و التدقيق الكثير في هذه الامور، كما يظهر من بعضهم، ربّما يوجب الخفاء و الوسوسة‌

(4). مكارم الشيرازي: راجع الباب 16 من أبواب النيابة‌

(5). الخوئي: لا دلالة لتلك الأخبار على كفاية الإجارة في فراغ ذمّة المنوب عنه في الفرض‌

(6). الگلپايگاني: على الأحوط‌

(7). مكارم الشيرازي: الأقوى جوازه فيما يتعارف من الأعذار لعامّة الناس، لإطلاق أخبار النيابة و عدم التعرّض لهذا القيد في شي‌ء منها، لا سيّما مع أنّ سفر الحجّ لا يخلو غالباً عن طروّ بعض هذه الامور بالنسبة إلى كثير من الناس، و لو منع من ذلك أشكل الأمر على كثير من النائبين، كما لا يخفى على من زار بيت اللّه الحرام‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 376‌

الاكتفاء به.

مسألة 10: إذا مات النائب قبل الإتيان بالمناسك، فإن كان قبل الإحرام لم يجز عن المنوب عنه (1)، لما مرّ من كون الأصل عدم فراغ ذمّته إلّا بالإتيان، بعد حمل الأخبار الدالّة على ضمان الأجير على ما أشرنا إليه. و إن مات بعد الإحرام و دخول الحرم، أجزأ عنه، لا لكون الحكم كذلك في الحاجّ عن نفسه، لاختصاص ما دلّ عليه به، و كون فعل النائب فعل المنوب عنه لا يقتضي الإلحاق، بل لموثّقة إسحاق بن عمّار المؤيّدة بمرسلتي حسين بن عثمان و حسين بن يحيى الدالّة على أنّ النائب إذا مات في الطريق أجزأ عن المنوب عنه، المقيّدة بمرسلة المقنعة: «من خرج حاجّاً فمات في الطريق فإنّه إن كان مات في الحرم فقد سقطت عنه الحجّة» الشاملة (2) للحاجّ عن غيره أيضاً (3)؛ و لا يعارضها موثّقة عمّار (4) الدالّة على أنّ النائب إذا مات في الطريق عليه أن يوصي، لأنّها محمولة على ما إذا مات قبل الإحرام أو على الاستحباب، مضافاً إلى الإجماع على عدم كفاية مطلق الموت في الطريق، و ضعفها سنداً بل و دلالةً منجبر بالشهرة و الإجماعات المنقولة، فلا ينبغي الإشكال في الإجزاء في الصورة المزبورة.

و أمّا إذا مات بعد الإحرام و قبل دخول الحرم، ففي الإجزاء قولان؛ و لا يبعد الإجزاء (5) و إن لم نقل به في الحاجّ عن نفسه، لإطلاق الأخبار في المقام، و القدر المتيقّن من التقييد هو‌

______________________________
(1). مكارم الشيرازي: لو لم تكن المسألة إجماعيّة، أمكن القول بالإجزاء إذا مات في الطريق مطلقاً، لظهور غير واحد من روايات الباب فيه، كرواية حسين بن يحيى، فإنّ قوله: «فإن مات في منزله قبل أن يخرج فلا يجزي عنه و إن مات في الطريق فقد أجزأ عنه» له ظهور تامّ في أنّ المدار على الموت في المنزل و الموت في الطريق (4/ 15 من أبواب النيابة) و لكنّها مرسلة و إن كان في السند «ابن أبي عمير»، فتأمّل‌

(2). الگلپايگاني: شمولها له محلّ تأمّل‌

(3). مكارم الشيرازي: شموله للحاجّ عن غيره مشكل جدّاً، فإنّ قوله عليه السلام في ذيل المرسلة: «و ليقض عنه وليّه» ظاهر في كون الحجّ لنفسه (راجع 4/ 26 من أبواب وجوب الحجّ)

(4). الگلپايگاني: بل يمكن أن يقال بمعارضتها لموثّقة إسحاق، فهذه محمولة على الموت قبل الإحرام و دخول الحرم و موثّقة إسحاق محمولة على الموت بعدهما؛ و شاهد الجمع الأخبار المفصّلة في الحاجّ لنفسه‌

(5). الگلپايگاني: بل بعيد، سيّما على مبناه قدس سره حيث إنّ المرسلة ليس فيها إلّا التقييد بالدخول في الحرم، و كونه كناية عن الإحرام في غاية البعد‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 377‌

اعتبار كونه بعد الإحرام، لكنّ الأقوى عدمه (1)، فحاله حال الحاجّ عن نفسه في اعتبار الأمرين في الإجزاء.

و الظاهر عدم الفرق بين حجّة الإسلام و غيرها من أقسام الحجّ و كون النيابة بالاجرة أو بالتبرّع (2).

مسألة 11: إذا مات الأجير بعد الإحرام و دخول الحرم (3)، يستحقّ تمام الاجرة إذا كان أجيراً على تفريغ الذمّة (4)، و بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال إذا كان أجيراً على الإتيان بالحجّ بمعنى الأعمال (5) المخصوصة، و إن مات قبل ذلك لا يستحقّ شيئاً؛ سواء مات قبل‌

______________________________
(1). الخوئي: بل الأقوى هو الإجزاء‌

مكارم الشيرازي: بل الأحوط ذلك، لأنّ إطلاق موثّقة إسحاق يدلّ على الإجزاء، بل يدلّ على الإجزاء قبل الإحرام، و لكنّها مقيّدة من هذه الناحية بالإجماع، فيبقى الإجزاء فيما بعد الإحرام بحاله؛ نعم، بعد ما قلنا بعدم الإجزاء في الأصيل إذا مات بعد الإحرام و قبل دخول الحرم يشكل الفصل بينه و بين النائب، و هذا هو دليل الاحتياط‌

(2). الامام الخميني: فيه إشكال، بل في غير حجّة الإسلام لا يخلو من إشكال‌

(3). الخوئي: بل بعد الإحرام و لو قبل دخول الحرم‌

(4). الگلپايگاني: بل لا يبعد الاستحقاق تعبّداً و إن كان أجيراً على الأعمال؛ و أمّا الإجارة على التفريغ فلا معنى له، بل متعلّق الإجارة في الحجّ البلدي المشي إلى بيت اللّه الحرام و الإتيان بالمناسك المخصوصة نيابةً عن المنوب عنه على ما هو المرتكز عرفاً‌

مكارم الشيرازي: قد يقال أنّه لا يمكن الإجارة على تفريغ الذمّة، كما في بعض الحواشي، و لكنّه عجيب، لأنّ الإجارة على المسبّب ممكن كالإجارة على السبب، لأنّه مقدور بالواسطة و ما يكون مقدوراً بالواسطة تجوز الإجارة عليه، و كم له من نظير في أبواب الإجارات‌

(5). الامام الخميني: إذا فرض أنّ الإجارة على نفس الأعمال المخصوصة و لم تكن المقدّمات داخلة، لا يستحقّ شيئاً قبل الإحرام، و أمّا نفس الإحرام فمع الإطلاق أي عدم استثنائه فداخل في العمل المستأجر عليه و يستحقّ الاجرة بالنسبة إليه، و أمّا الذهاب إلى مكّة بعد الإحرام فليس داخلًا، فلا يستحقّ الاجرة بالنسبة إليه مع كون الإجارة على نفس المناسك، كما لا يستحقّ على الذهاب إلى عرفات و منى مع هذا الفرض. و أمّا مع كون المشي و المقدّمات داخلًا في الإجارة فيستحقّ بالنسبة إليها مطلقاً؛ سواء كانت مطلوبة نفساً أو من باب المقدّمة، إلّا أن تكون الاجرة على المقدّمات الموصلات؛ هذا كلّه مع التصريح بكيفيّته، و مع الإطلاق فالظاهر التوزيع بالنسبة إلى المقدّمات و ما فعل من الأعمال، و تنظيره بإفساد الصلاة في غير محلّه؛ نعم، مع الإطلاق يستحقّ تمام الاجرة إذا أتى بالمصداق العرفي الصحيح و لو كان فيه نقص ممّا لا يضرّ بالاسم، فلو مات بعد الإحرام و دخول الحرم قبل إتيان شي‌ء آخر لا يستحقّ اجرة غير ما أتى به و إن سقط الحجّ عن الميّت، فإنّ السقوط ليس لأجل الإتيان بالمصداق العرفي بل هو من باب التعبّد، و أمّا لو أتى بالحجّ و نسي الطواف أو بعضه مثلًا و مات يستحقّ تمام الاجرة للصدق، و هذا نظير نسيان بعض أجزاء الصلاة المستأجرة مع عدم إضراره بالصحّة و الاسم‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 378‌

الشروع في المشي أو بعده، و قبل الإحرام أو بعده (1) و قبل الدخول في الحرم، لأنّه لم يأت بالعمل المستأجر عليه لا كلًاّ و لا بعضاً بعد فرض عدم إجزائه (2)؛ من غير فرق بين أن يكون المستأجر عليه نفس الأعمال أو مع المقدّمات من المشي و نحوه؛ نعم، لو كان المشي داخلًا في الإجارة على وجه الجزئيّة، بأن يكون مطلوباً في الإجارة نفساً، استحقّ مقدار ما يقابله من الاجرة، بخلاف ما إذا لم يكن داخلًا أصلًا أو كان داخلًا فيها لا نفساً بل بوصف المقدّميّة؛ فما ذهب إليه بعضهم من توزيع الاجرة عليه أيضاً مطلقاً، لا وجه له (3)، كما أنّه لا وجه لما ذكره بعضهم من التوزيع على ما أتى به من الأعمال بعد الإحرام، إذ هو نظير ما إذا استوجر للصلاة فأتى بركعة أو أزيد ثمّ أبطلت (4) صلاته، فإنّه لا إشكال في أنّه لا يستحقّ الاجرة على ما أتى به؛ و دعوى أنّه و إن كان لا يستحقّ من المسمّى بالنسبة لكن يستحقّ اجرة المثل لما أتى به، حيث إنّ عمله محترم، مدفوعة بأنّه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه، و المفروض أنّه لم يكن مغروراً من قبله، و حينئذٍ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحجّ في سنة‌

______________________________
(1). الخوئي: مرّ استحقاقه فيما إذا مات بعد الإحرام‌

(2). الگلپايگاني: هذا إذا كان المستأجر عليه كلّياً بقيد المجموع أو التفريغ، و إلّا فعدم الإجزاء لا ينافي توزيع مال الإجارة على مورد الإجارة، و قد مرّ أنّ المرتكز هو الإجارة على المشي و المناسك، فيستحقّ مقدار ما قابل المأتيّ منها و إن كان غير مفيد‌

(3). الگلپايگاني: بل هو الأوجه، إلّا مع التصريح بمقابلة الثمن بالأعمال و معه يستحقّ مقدار ما يقابل المأتيّ منها و لو مع عدم الإجزاء، فيستحقّ للإحرام و سائر أعماله و إن لم يدخل في الحرم؛ و معلوم أنّ الإحرام مع بعد الطريق أغلىٰ منه مع عدمه‌

مكارم الشيرازي: قد يقال: المرتكز في الأذهان هو التوزيع بحسب القاعدة، و لكنّه ممنوع، بل المرتكز أداء ما يوجب فراغ الذمّة، سواء كان بإتيان الأعمال أو بقبول الشارع، كما إذا مات بعد الإحرام و دخول الحرم؛ و أمّا إذا لم يحصل تفريغ الذمّة، لم يكن في المشي فائدة فعلًا‌

(4). الگلپايگاني: بل هو نظير موت الأجير في أثناء الصلاة‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 379‌

معيّنة (1)، و يجب عليه (2) الإتيان به (3) إذا كانت مطلقة (4) من غير استحقاق لشي‌ء على التقديرين.

مسألة 12: يجب في الإجارة تعيين (5) نوع الحجّ من تمتّع أو قران أو إفراد. و لا يجوز للموجر العدول عمّا عيّن له و إن كان إلى الأفضل كالعدول من أحد الأخيرين إلى الأوّل، إلّا إذا رضي المستأجر (6) بذلك فيما إذا كان مخيّراً بين النوعين أو الأنواع كما في الحجّ المستحبيّ (7) و المنذور المطلق، أو كان ذا منزلين متساويين في مكّة و خارجها؛ و أمّا إذا كان ما عليه من نوع خاصّ، فلا ينفع رضاه (8) أيضاً بالعدول إلى غيره، و في صورة جواز الرضا يكون رضاه من باب إسقاط حقّ الشرط إن كان التعيين بعنوان الشرطيّة (9) و من باب الرضا بالوفاء بغير الجنس (10) إن كان بعنوان القيديّة (11)، و على أىّ تقدير يستحقّ الاجرة المسمّاة و إن لم يأت‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: مع دخل المباشرة؛ و مع عدمه فيجب الاستيجار من تركته و هو المقصود من الوجوب عليه مع الإطلاق‌

(2). الامام الخميني: فيتعلّق ما عليه بتركته؛ و كذا الحال لو كانت الإجارة في السنة المعيّنة أعمّ من المباشرة و مات و يمكن الإحجاج من ماله في السنة المزبورة‌

(3). الخوئي: في العبارة تشويش، و الصحيح أن يقال: إنّ الإجارة إذا كانت مقيّدة بالمباشرة فهي تنفسخ بالموت، من غير فرق بين أن تكون الإجارة في سنة معيّنة أو كانت مطلقة، و أما إذا لم يقيّد الإجارة بالمباشرة وجب الاستيجار من تركة الأجير، من غير فرق أيضاً بين السنة المعيّنة و غيرها‌

(4). مكارم الشيرازي: المفروض فوت الأجير بعد ذلك، فكيف يأتي به؟!

(5). الخوئي: بالمعنى المقابل للفرد المبهم، و أمّا الإجارة على الجامع فالظاهر جوازها‌

(6). الگلپايگاني: و أذن له على الأحوط‌

(7). مكارم الشيرازي: سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه عند تعرّض المصنّف قدس سره له، و منه يظهر حال النذر المطلق أيضاً‌

(8). الخوئي: في براءة ذمّة المستأجر، لا في استحقاق الأجير للُاجرة‌

الگلپايگاني: في براءة ذمّة المستأجر، لكن يستحقّ الاجرة المسمّاة لو عدل بإذنه‌

مكارم الشيرازي: و ما قد يقال: إنّ الأجير يستحقّ الاجرة المسمّاة لو عدل بإذنه و لو لم ينفع في براءة ذمّة المستأجر كما في بعض الحواشي، لا يخلو عن إشكال، لأنّ استحقاق اجرة المثل أو الاجرة المسمّاة في عمل يكون كاللغو مع كونهما عالمين بذلك، محلّ كلام و إن كان بأمر المستأجر أو إذنه‌

(9). الخوئي: الاشتراط في أمثال المقام يرجع إلى التقييد حسب الارتكاز العرفيّ‌

(10). الامام الخميني: يمكن تطبيق الوفاء بغير الجنس في الديون الماليّة على القواعد، و أمّا مثل الحجّ و التعبّديّات فمشكل؛ نعم، إجازة العدول يمكن أن تكون رفع اليد عن المعدول عنه و إيقاع إجارة على المعدول إليه بالمسمّى أو أمر بإتيانه كذلك، فمع الإتيان يستحقّ المسمّى‌

(11). مكارم الشيرازي: كون شي‌ء شرطاً للمستأجر عليه أو قيداً ليس بحسب الألفاظ المذكورة في العقد، بل التفاوت بينهما إنّما هو بنظر العرف و العقلاء، فما كان مأخوذاً في ذات الشي‌ء كان قيداً و ما كان خارجاً عن ذاته كان شرطاً، من دون فرق بين الألفاظ و العبارات؛ و حيث إنّ تفاوت أنواع الحجّ إنّما هو بحسب ذاتها، فما نحن فيه من قبيل القيد و إن ذكر بلسان الشرط‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 380‌

بالعمل المستأجر عليه على التقدير الثاني، لأنّ المستأجر إذا رضي بغير النوع (1) الّذي عيّنه فقد وصل إليه ما له على الموجر، كما في الوفاء بغير الجنس في سائر الديون، فكأنّه قد أتى بالعمل المستأجر عليه.

و لا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى المفضول؛ هذا، و يظهر من جماعةٍ جواز العدول إلى الأفضل، كالعدول إلى التمتّع تعبّداً من الشارع، لخبر أبي بصير (2) عن أحدهما عليهما السلام في رجل أعطى رجلًا دراهم يحجّ بها مفردة أ يجوز له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال عليه السلام: «نعم، إنّما خالف إلى الأفضل»؛ و الأقوى ما ذكرنا، و الخبر منزّل على صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيّراً بين النوعين، جمعاً بينه و بين خبر آخر (3) في رجل أعطى رجلًا دراهم يحجّ بها حجّة مفردة، قال عليه السلام: «ليس له أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؛ لا يخالف صاحب الدراهم». و على ما ذكرنا من عدم جواز العدول إلّا مع العلم بالرضا إذا عدل بدون ذلك، لا يستحقّ الاجرة (4) في صورة التعيين على وجه القيديّة (5) و إن كان حجّه صحيحاً عن المنوب عنه و مفرّغاً لذمّته إذا لم يكن ما في ذمّته متعيّناً فيما عيّن، و أمّا إذا كان‌

______________________________
(1). الگلپايگاني: و أذن له على الأحوط‌

(2). الامام الخميني: الإنصاف أنّ رفع اليد عن خبر أبي بصير مع كونه صحيحاً على الظاهر و عمل به جملة من الأصحاب مشكل كرفع اليد عن القواعد، فالمسألة مشكلة، و الأحوط عدم العدول إلّا برضاه؛ و أمّا الجمع الّذي ارتكبه ففرع حجيّة الخبر المذكور و هو قاصر عن الحجيّة بجهالة «عليّ» الّذي روىٰ عنه ابن محبوب و عدم الدليل على كونه ابن رئاب و عدم مدح معتدّ به عن هيثم بن أبي مسروق‌

(3). الخوئي: هذا الخبر ضعيف، فإنّه من غير المعصوم عليه السلام. و العمدة أنّ الرواية الاولى غير ظاهرة في التعبّد، بقرينة التعليل، فهي منزّلة على صورة العلم برضا المستأجر كما هو الغالب في موردها‌

مكارم الشيرازي: لا نحتاج إلى الجمع، بل الظاهر أنّ خبر أبي بصير بذاته منصرف إلى ما إذا كان المستأجر راضياً بالأفضل و لا أقلّ أنّه القدر المتيقّن منه، و لا إطلاق له فيما زاد على ذلك‌

(4). الامام الخميني: الأحوط مع العدول التخلّص بالتصالح‌

(5). مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ المقام (أنواع الحجّ) من قبيل القيد دائماً و إن ذكر بلسان الشرطيّة‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 381‌

على وجه الشرطيّة (1) فيستحقّ، إلّا إذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة تخلّف الشرط، إذ حينئذٍ لا يستحقّ المسمّى بل اجرة المثل.

مسألة 13: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق و إن كان في الحجّ البلديّ، لعدم تعلّق الغرض بالطريق نوعاً؛ و لكن لو عيّن، تعيّن و لا يجوز العدول عنه إلى غيره، إلّا إذا علم أنّه لا غرض للمستأجر في خصوصيّته و إنّما ذكره على المتعارف، فهو راضٍ بأىّ طريق كان، فحينئذٍ لو عدل صحّ و استحقّ تمام الاجرة، و كذا إذا أسقط بعد العقد حقّ تعيينه؛ فالقول بجواز العدول مطلقاً أو مع عدم العلم بغرض في الخصوصيّة ضعيف، كالاستدلال له بصحيحة حريز عن رجل أعطى رجلًا حجّة يحجّ عنه من الكوفة، فحجّ عنه من البصرة، فقال عليه السلام: «لا بأس، إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه»، إذ هي محمولة (2) على صورة العلم بعدم الغرض كما هو الغالب، مع أنّها (3) إنّما دلّت على صحّة الحجّ من حيث هو، لا من حيث كونه عملًا مستأجراً عليه كما هو المدّعى، و ربما تحمل على محامل اخر، و كيف كان لا إشكال في صحّة حجّه و براءة ذمّة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصيّة الطريق المعيّن؛ إنّما الكلام في استحقاقه الاجرة المسمّاة على تقدير العدول و عدمه، و الأقوى أنّه يستحقّ من المسمّى بالنسبة و يسقط منه (4) بمقدار المخالفة (5) إذا كان الطريق معتبراً في‌

______________________________
(1). الخوئي: مرّ أن مرجع الاشتراط إلى التقييد في أمثال المقام‌

(2). الخوئي: لا قرينة على هذا الحمل‌

(3). الگلپايگاني: هذا الاحتمال خلاف الظاهر‌

(4). الگلپايگاني: السقوط محلّ منع، بل الظاهر ضمان الأجير لما خالف، فعليه القيمة؛ نعم، للمستأجر أن يفسخ الإجارة فيأخذ من المسمّى بمقدار المخالفة‌

(5). مكارم الشيرازي: الأقوى في جميع الصور صحّتها و استحقاقه للمسمّى بمقداره. و حاصل كلامه إنّ هنا صُوراً ثلاثة: إحداها: ما إذا قصد الطريق المعيّن في الحجّ بعنوان القيديّة، فلو خالف لا يستحقّ من المسمّى شيئاً؛ الثانية: أن يقصد الطريق بعنوان الجزئيّة و يستحقّ من المسمّى بمقدار ما أتى من المستأجر عليه، أعني الحجّ بدون الطريق المعيّن؛ الثالثة: أن يجعل سلوك الطريق المعيّن شرطاً، فيستحقّ تمام الاجرة مع خيار المستأجر و حقّ فسخه؛ و لكن قد عرفت أنّ الأقرب في جميع الصُّور صحّته و استحقاقه للمسمّى بمقداره، و ذلك لأنّ المفروض أنّ اعتبار الطريق من باب تعدّد المطلوب و لذا حكم ببراءة ذمّة المنوب عنه، و من المعلوم أنّه إذا كان الواقع على نحو تعدّد المطلوب لا يتغيّر عمّا هو عليه بتغيير الألفاظ و العبارات مع بناء العرف على تقسيط المسمّى في باب تعدّد المطلوب، و لذا أفتى الأصحاب بأنّه إذا باع ما يملك و ما لا يملك يصحّ البيع فيما يملك بقسط من الثمن، و لم يفرّقوا بين العبارات المختلفة؛ و كذلك في باب خيار العيب، فلو اشترى إنسان حيواناً للُاضحيّة في الحجّ و كان فيه بعض العيوب فالظاهر أنّ له خيار العيب و لا يصغى إلى أنّه قصد الصحّة بعنوان القيديّة، لعدم الفائدة في المعيوب له. و من هذا كلّه يظهر أنّ المدار في هذه الموارد على كون شي‌ء قيداً مقوّماً أو جزءاً غير مقوّم أو شرطاً بنظر أهل العرف، من دون فرق بين العبارات المختلفة، كما عرفت سابقاً أيضاً‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 382‌

الإجارة على وجه الجزئيّة، و لا يستحقّ شيئاً على تقدير اعتباره على وجه القيديّة (1)، لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذٍ و إن برئت ذمّة المنوب عنه بما أتى به، لأنّه حينئذٍ متبرّع بعمله؛ و دعوى أنّه يعدّ في العرف أنّه أتى ببعض ما استوجر عليه فيستحقّ بالنسبة، و قصد التقييد بالخصوصيّة لا يخرجه عرفاً عن العمل ذي الأجزاء، كما ذهب إليه في الجواهر، لا وجه لها (2). و يستحقّ تمام الاجرة إن كان اعتباره على وجه الشرطيّة الفقهيّة (3) بمعنى الالتزام في الالتزام؛ نعم، للمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشرط، فيرجع إلى اجرة المثل.

مسألة 14: إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرةً في سنة معيّنة، ثمّ آجر عن شخص آخر في تلك السنة مباشرةً أيضاً، بطلت الإجارة الثانية، لعدم القدرة (4) على العمل بها بعد وجوب العمل بالاولى؛ و مع عدم اشتراط المباشرة فيهما أو في إحداهما، صحّتا معاً؛ و دعوى بطلان الثانية و إن لم يشترط فيها المباشرة مع اعتبارها في الاولى لأنّه يعتبر في صحّة الإجارة تمكّن الأجير من العمل بنفسه فلا يجوز إجارة الأعمى على قراءة القرآن و كذا لا يجوز إجارة الحائض لكنس المسجد و إن لم يشترط المباشرة، ممنوعة، فالأقوى الصحّة، هذا إذا آجر نفسه ثانياً للحجّ بلا اشتراط المباشرة؛ و أمّا إذا آجر نفسه لتحصيله فلا إشكال فيه (5)، و كذا تصحّ الثانية مع اختلاف السنتين أو مع توسعة الإجارتين أو توسعة‌

______________________________
(1). الامام الخميني: بمعنى أنّ الحج المتقيّد بالطريق الخاصّ يكون مورداً للإجارة‌

(2). الگلپايگاني: بل لها وجه، إلّا إذا قيّد الحجّ بالتعقّب بطريق مخصوص‌

(3). الگلپايگاني: لا يبعد جريان ما ذهب إليه في الجواهر في هذه الصورة أيضاً غير ما استثني في الفرع السابق‌

(4). الامام الخميني: في التعليل تأمّل‌

(5). مكارم الشيرازي: التعبير بالتحصيل غير مناسب، فالأولى أن يقال: إذا آجر نفسه لإفراغ ذمّة فلان عن الحجّ أو شبه ذلك‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 383‌

إحداهما، بل و كذا مع إطلاقهما أو إطلاق إحداهما إذا لم يكن انصراف (1) إلى التعجيل.

و لو اقترنت الإجارتان، كما إذا آجر نفسه من شخص و آجره وكيله من آخر في سنة واحدة و كان وقوع الإجارتين في وقت واحد، بطلتا معاً (2) مع اشتراط المباشرة فيهما (3).

و لو آجره فضوليّان (4) من شخصين مع اقتران الإجارتين، يجوز له إجازة إحداهما كما في صورة عدم الاقتران؛ و لو آجر نفسه من شخص ثمّ علم أنّه آجره فضوليّ من شخص آخر سابقاً على عقد نفسه، ليس له إجازة ذلك العقد و إن قلنا بكون الإجازة كاشفة، بدعوى أنّها حينئذٍ تكشف عن بطلان إجارة نفسه، لكون إجارته نفسه مانعاً عن صحّة الإجازة حتّى تكون كاشفة، و انصراف أدلّة صحّة الفضوليّ عن مثل ذلك.

مسألة 15: إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لا يجوز له التأخير، بل و لا التقديم، إلّا مع رضى المستأجر؛ و لو أخّر لا لعذر، أثم و تنفسخ الإجارة (5) إن كان التعيين على وجه التقييد،

______________________________
(1). الگلپايگاني: صحّة الإجارة بمجرّد عدم الانصراف مشكل، فلا يُترك الاحتياط إلّا مع ظهورهما أو ظهور أحدهما في جواز التأخير‌

(2). الامام الخميني: بطلانهما مع الاشتراط الفقهي محلّ إشكال؛ نعم، لو أوقعاها لإتيانه مباشرةً بطلا‌

(3). مكارم الشيرازي: مجرّد اقتران الإجارتين لا يوجب البطلان، بل البطلان إنّما يكون إذا كان وقت العمل واحد أيضاً. و الّذي يظهر من بعض النسخ أنّ في العبارة هنا سقطاً، و الصحيح: (و لو اقترنت الإجارتان، كما إذا آجر نفسه من شخص و آجره وكيله من آخر في سنة واحدة و كان وقوع الإجارتين في وقت واحد، بطلتا معاً) و يشهد للسقط ذكر الإجارتين بدل الإجارتان‌

(4). الامام الخميني: مع إيقاعهما على النحو المتقدّم آنفاً؛ و كذا الحال في الفرع الآتي‌

(5). الامام الخميني: لا يبعد تخيّر المستأجر بين الفسخ و مطالبة الاجرة المسمّاة و بين عدمه و مطالبة اجرة المثل بعد إعطاء الاجرة المسمّاة، و لا فرق في ذلك أو انفساخ الإجارة على القول به بين كون التأخير لعذر أو لا‌

الخوئي: هذا إذا فسخ المستأجر و له عدم الفسخ و مطالبة الأجير بأُجرة المثل‌

الگلپايگاني: انفساخ الإجارة محلّ منع، بل الأقوى تخيير المستأجر بين الفسخ و مطالبة الاجرة المسمّاة و عدمه و مطالبة اجرة المثل‌

مكارم الشيرازي: قد يقال بأنّه لا تنفسخ الإجارة لعدم الموجب للانفساخ القهري، بل يتخيّر المستأجر بين فسخه و بين إبقائه و إعطاء اجرته (اجرة المسمّى) ثمّ مطالبته بأُجرة المثل، و ذلك لأنّه ملك في ذمّته الحجّ في السنة المعيّنة؛ هذا، و لكن يرد عليه أوّلًا: أنّ متعلّق الإجارة لا بدّ أن يكون أمراً ممكناً، و بعد مضيّ تلك السنة يكون محالًا، فتنفسخ، لا أنّه تبقى في ذمّته، ففي الحقيقة تبدّل الأمر الممكن بالمحال هنا و يؤيّد ذلك بناء العرف في هذه الموارد على الانفساخ قهراً، فلو أنّ إنساناً كان أجيراً على إجراء صيغة عقد فلم يعمل بوظيفته حتّى وقع عقد النكاح بإجراء الصيغة من ناحية غيره، فالظاهر حكمهم بالبطلان حينئذٍ لإبقاء الإجارة و تخييره بين إعطاء مال الإجارة و أخذ اجرة المثل أو فسخ الإجارة‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 384‌

و يكون للمستأجر خيار الفسخ لو كان على وجه الشرطيّة (1) و إن أتى به مؤخّراً لا يستحقّ الاجرة على الأوّل و إن برئت ذمّة المنوب عنه به، و يستحقّ المسمّاة على الثاني إلّا إذا فسخ المستأجر، فيرجع إلى اجرة المثل. و إذا أطلق الإجارة (2) و قلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع الإهمال، و في ثبوت الخيار للمستأجر حينئذٍ و عدمه وجهان (3)، من أنّ الفوريّة ليست توقيتاً، و من كونها بمنزلة الاشتراط.

مسألة 16: قد عرفت عدم صحّة الإجارة الثانية فيما إذا آجر نفسه من شخص في سنة معيّنة، ثمّ آجر من آخر في تلك السنة، فهل يمكن تصحيح الثانية بإجازة المستأجر الأوّل أو لا؟ فيه تفصيل، و هو أنّه إن كانت الاولى واقعة على العمل في الذمّة (4) لا تصحّ الثانية‌

______________________________
(1). الخوئي: مرّ أنّ الاشتراط في أمثال المقام يرجع إلى التقييد‌

مكارم الشيرازي: قد عرفت أنّ التقييد و الاشتراط لا يكونان بتغيير الألفاظ، بل المدار على الواقع؛ فإن كان من قبيل تعدّد المطلوب كما هو مورد الكلام، كان من قبيل الجزء أو الشرط لا محالة، و لا معنى للتقييد فيه؛ و حيث إنّ المقام من قبيل الشرط، فلو لم يفسخ كان للأجير اجرة المسمّى، و إن فسخ كان له اجرة المثل‌

(2). الخوئي: إذا كان الإطلاق منصرفاً إلى التعجيل كان راجعاً إلى التوقيت، و إن لم يكن منصرفاً إليه لم يجب التعجيل إلّا مع المطالبة‌

(3). الامام الخميني: إن قلنا بأنّ وجوب التعجيل لأجل انصراف العقد إلى ذلك ففي بطلان العقد و عدمه و ثبوت الخيار وجهان، و إن قلنا بأنّ الوجوب حكم شرعي فالظاهر عدم البطلان و عدم ثبوت الخيار‌

مكارم الشيرازي: الأقوى كونه بمنزلة الاشتراط، لأنّ التعجيل- لو قلنا به- إنّما يكون من جهة انصراف العقد إليه و حينئذٍ يكون من قبيل الاشتراط‌

(4). الامام الخميني: أي كان متعلّق الإجارة الحجّ المباشري في هذه السنة فحينئذٍ لا تصحّ الثانية بالإجازة بلا إشكال؛ و أمّا إذا اشترط المباشرة أو كونه في هذه السنة فالإجازة إسقاط الاشتراط، فيرفع التزاحم، فتصحّ الثانية بلا مزاحم‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 385‌
<![endif]-->

بالإجازة (1)، لأنّه لا دخل للمستأجر بها (2) إذا لم تقع على ماله حتّى تصحّ له إجازتها، و إن كانت واقعة على منفعة الأجير في تلك السنة بأن تكون منفعته من حيث الحجّ أو جميع منافعه له، جاز له إجازة الثانية، لوقوعها على ماله، و كذا الحال في نظائر المقام، فلو آجر نفسه ليخيط لزيدٍ في يوم معيّن ثمّ آجر نفسه ليخيط أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم ليس لزيد إجازة العقد الثاني، و أمّا إذا ملّكه منفعته الخياطيّ فآجر نفسه للخياطة أو للكتابة (3) لعمرو جاز له إجازة هذا العقد، لأنّه تصرّف في متعلّق حقّه، و إذا أجاز يكون مال الإجارة له، لا للموجر؛ نعم، لو ملك منفعة خاصّة كخياطة ثوب معيّن أو الحجّ عن ميّت معيّن على وجه التقييد، يكون كالأوّل في عدم إمكان إجازته.

مسألة 17: إذا صُدّ الأجير أو احصر، كان حكمه كالحاجّ عن نفسه فيما عليه من الأعمال و تنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة و يبقى الحجّ في ذمّته مع الإطلاق، و للمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبار تلك السنة على وجه الشرط في ضمن العقد، و لا يجزي عن المنوب عنه و إن كان بعد الإحرام و دخول الحرم، لأنّ ذلك كان في خصوص الموت من جهة الأخبار، و القياس عليه لا وجه له؛ و لو ضمن الموجر الحجّ في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، و القول بوجوبه ضعيف؛ و ظاهرهم استحقاق الاجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال، و هو مشكل (4)، لأنّ المفروض عدم إتيانه للعمل المستأجر عليه‌

______________________________
(1). الخوئي: بل تصحّ معها، فإنّ الإجازة راجعة إلى إسقاط الشرط أو إلى التوسعة في الوفاء أو فسخ الإجارة الاولى، و على جميع التقادير تصحّ الإجارة الثانية؛ و كذا الحال في نظائر المسألة‌

الگلپايگاني: و يمكن تصحيحها بالإجازة بإسقاط المستأجر حقّه المتعلّق بمباشرة الأجير، حيث إنّ فرض المسألة فيما يعتبر فيه المباشرة فيكون نظير إجازة المرتهن بيع الراهن، و يكون مال الإجارة للمؤجر لا للمجيز‌

(2). مكارم الشيرازي: على الأحوط. و قد يقال: يمكن تصحيح الثانية بإسقاط المستأجر الأوّل حقّه كإسقاط حقّ الرهانة، فتكون الإجارة الثانية بلا مزاحم، و لكن لا يخفى أنّه من قبيل من باع ثمّ ملك ثمّ أجاز، و فيه إشكال معروف‌

(3). الامام الخميني: إذا ملّك منفعة الكتابة أيضاً‌

الگلپايگاني: مع فرض كونه مالكاً للكتابة أيضاً‌

(4). الامام الخميني: لا إشكال فيه كما مرّ، و يأتي فيه التفصيل المتقدّم‌

الگلپايگاني: بل هو الأقوى، كما مرّ‌

مكارم الشيرازي: بل الأقوى عدم استحقاقه؛ و قد تقدّم حكم المسألة و دليلها في المسألة الحادية عشرة أيضاً‌

العروة الوثقى مع التعليقات، ج‌2، ص: 386‌

و عدم فائدة فيما أتى به، فهو نظير الانفساخ في الأثناء لعذر غير الصدّ و الحصر، و كالانفساخ في أثناء سائر الأعمال المرتبطة لعذر في إتمامها. و قاعدة احترام عمل المسلم لا تجري، لعدم الاستناد إلى المستأجر، فلا يستحقّ اجرة المثل أيضاً.

مسألة 18: إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة، فهو من ماله.

مسألة 19: إطلاق الإجارة (1) يقتضي التعجيل، بمعنى الحلول في مقابل الأجل، لا بمعنى الفوريّة، إذ لا دليل عليها، و القول بوجوب التعجيل إذا لم يشترط الأجل ضعيف (2)، فحالها حال البيع في أنّ إطلاقه يقتضي الحلول بمعنى جواز المطالبة و وجوب المبادرة معها.

مسألة 20: إذا قصرت الاجرة، لا يجب على المستأجر إتمامها، كما أنّها لو زادت ليس له استرداد الزائد؛ نعم، يستحبّ الإتمام كما قيل، بل قيل: يستحبّ على الأجير أيضاً ردّ الزائد.

و لا دليل بالخصوص على شي‌ء من القولين؛ نعم، يستدلّ على الأوّل بأنّه معاونة على البرّ و التقوى، و على الثاني بكونه موجباً للإخلاص في العبادة.

مسألة 21: لو أفسد الأجير حجّه بالجماع قبل المشعر، فكالحاجّ عن نفسه يجب عليه إتمامه و الحجّ من قابل و كفّارة بدنة، و هل يستحقّ الاجرة على الأوّل أو لا؟ قولان مبنيّان على أنّ الواجب هو الأوّل و أنّ الثاني عقوبة، أو هو الثاني و أنّ الأوّل عقوبة؛ قد يقال‌

______________________________
(1). الامام الخميني: مع عدم انصراف في البين‌

(2). الگلپايگاني: الأحوط الإتيان فوراً ففوراً ما لم يشترط الأجل، إلّا مع الرضا بالتأخير‌

مكارم الشيرازي: العبارة لا تخلو عن تهافت، اللّهم إلّا أن يكون التعجيل الثاني بمعنى الفوريّة. و على كلّ حال، الظاهر عند إطلاق الإجارة هو وجوب الإتيان بالعمل المستأجر عليه فوراً ففوراً، لأنّ المفروض أنّه ملكه في ذمّته و لا يجوز التأخير في أداء الدين و ملك الغير، فكما أنّ البيع إذ

Begin WebGozar.com Counter code End WebGozar.com Counter code